الأربعاء 3 ديسمبر 2025 | 04:34 م

«مصر الآن» تفتح ملف التكفير والدم: من «معالم في الطريق» إلى «داعش» و«حسم».. 59 عاما من إرث سيد قطب الدموي الذي لم ينته بعد

شارك الان

قبل 59 عاما، أعدم سيد قطب جسدا، لكن أفكاره ما زالت تسفك الدماء في كل بقعة من العالم الإسلامي، فلم يترك الرجل وراءه مجرد كتاب عادي، بل قنبلة فكرية موقوتة فجرت موجات من الإرهاب امتدت من صعيد مصر إلى كهوف أفغانستان، ومن شوارع الجزائر إلى صحارى العراق وسوريا. 

لم يكن سيد قطب، منظر جماعة الإخوان الإؤهابية مجرد كاتب أيديولوجي، أو ناقد اجتماعي، بل كان  الأب الروحي لكل الجماعات التكفيرية التي عاثت في العالم العربي والإسلامي دما وخرابا، منذ أن وضع قطب كتابه الأشهر "معالم في الطريق" وهو يؤسس نظريا لـ"الحاكمية" وتكفير المجتمعات، حتى تحولت أفكاره إلى دستور دموي أنجب عشرات التنظيمات المسلحة من مصر إلى أفغانستان، ومن سوريا إلى نيجيريا.

«مصر الآ» تفتح ملف جذور هذه الجماعات، ونفضح أسماء مؤسسيها، ونربط بين خط الدم الذي بدأ بقطب وانتهى إلى داعش وبوكو حرام و"حسم"، ليثبت أن الجماعة الام، أي الإخوان ، هي مصنع الإرهاب الأول.

**سيد قطب.. بذرة التكفير الكبرى

حين كتب سيد قطب عبارته الشهيرة: "لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء الإسلام، وارتدت البشرية إلى الجاهلية"، كان يضع حجر الأساس لفكرة أن كل من يعيش خارج جماعته هو "كافر" يستحق القتل. 

لم يكن الأمر مجرد اجتهاد فكري، بل تحول إلى مشروع شامل أعاد صياغة العقل الإخواني على قاعدة أن المجتمع كله جاهلي، وأن "الحاكمية لله وحده.

من هنا، خرجت الجماعات التي حملت السلاح، معتبرة أن قتال الحاكم والمجتمع واجب شرعي.

 كانت البداية في السبعينيات مع شكري مصطفى وجماعة التكفير والهجرة، لتتوسع لاحقا مع عبد الله عزام الذي فتح بوابة الجهاد العالمي في أفغانستان، ثم عمر عبد الرحمن الذي شرعن العنف في مصر، وأيمن الظواهري الذي أوصل الفكر القطبي إلى القاعدة، وصولا إلى داعش وبوكو حرام وحسم.


**شكري مصطفى.. التكفير والهجرة أول المواليد

بعد إعدام سيد قطب سنة 1966، خرج من السجون المصرية عدد من أتباعه الأكثر تشددًا، وكان أبرزهم شكري مصطفى، الذي أسس جماعة "التكفير والهجرة".

شكري، الطالب السابق بكلية الزراعة بجامعة أسيوط، أعلن أن المجتمع المصري كله كافر، وأن على المؤمنين أن يهاجروا إلى الجبال لينقوا أنفسهم من رجس الجاهلية، تمامًا كما فعل النبي في الهجرة إلى المدينة.

بلغت جرائم الجماعة ذروتها حين اختطفت وزير الأوقاف الشيخ حسين الذهبي عام 1977، وطالبوا الحكومة بإطلاق سراح معتقليهم، ولما رفضت، قاموا بذبحه.

 كان ذلك الإعلان العملي الأول لتحول أفكار قطب إلى سلاح يقطع الرؤوس.

تم إعدام شكري مصطفى وعدد من قياداته لاحقا، لكن بذور التكفير التي زرعها لم تمت، بل أنجبت عشرات الجماعات الصغيرة التي سرعان ما التحمت مع موجة الجهاد الأفغاني.

**عمر عبد الرحمن.. الشيخ الضرير الذي فتح أبواب الدم

في الثمانينيات، لمع اسم الشيخ عمر عبد الرحمن، "المفتي الضرير"، الذي تحول إلى المرجعية الدينية للجماعات المسلحة في مصر.

كان عبد الرحمن أستاذا في جامعة الأزهر، لكنه حمل نفس الفكر القطبي عن الحاكمية، وزاد عليه بفتاوى تشرعن اغتيال الحاكم اللكافر والشرطة والجيش.

تولى عبد الرحمن الإفتاء لجماعة الجماعة الإسلامية التي نشأت بالصعيد بقيادة كرم زهدي ورفاعي طه، وخاضت هذه الجماعة  صداما داميا مع الدولة المصرية في الثمانينيات والتسعينيات، وصلت ذروته في مذبحة الأقصر عام 1997 حين قتل 58 سائحًا أجنبيا.

انتقل عبد الرحمن إلى الولايات المتحدة في التسعينيات، لكنه استمر في التحريض من هناك، ليتم اعتقاله بعد ضلوع أتباعه في تفجير مركز التجارة العالمي الأول عام 1993.

**عبد الله عزام.. الأب الروحي للجهاد الأفغاني

لكن نقطة التحول الأخطر جاءت مع عبد الله عزام، الفلسطيني الإخواني الذي لقب بإمام الجهاد.

عزام، المتأثر مباشرة بأفكار سيد قطب، كان هو الذي نقل الفكر التكفيري من نطاق محلي إلى عالمي. ففي أفغانستان، أسس معسكرات "المجاهدين العرب" تحت شعار "الجهاد فرض عين"، وجذب آلاف الشباب من العالم الإسلامي.

كان عزام هو المربي الأول لأسامة بن لادن، الذي أصبح لاحقا زعيم القاعدة، وقد أسس الاثنان معا "مكتب خدمات المجاهدين" الذي وفر التمويل والسلاح والرجال، قبل أن يقتل عزام في ظروف غامضة عام 1989.

من رحم عزام خرجت القاعدة، ومن القاعدة خرجت داعش، لتصبح كل العمليات الإرهابية في العالم بعده مرتبطة مباشرة بخط قطبي واحد.

**كرم زهدي والجماعة الإسلامية.. دم في الصعيد ودم في القاهرة

في مصر، كان كرم زهدي ورفاقه هم الامتداد المباشر للفكر القطبي عبر "الجماعة الإسلامية".

بدأت الجماعة في الجامعات المصرية في السبعينيات، ثم انتقلت إلى الصعيد حيث وجدت بيئة خصبة للفكر المتشدد.

مارست الجماعة كل أشكال الإرهاب، بدأت باغتيالات لقيادات أمنية، وهجمات على السياح، ومحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا 1995.

كانت "الجماعة الإسلامية" هي المفرخة الأساسية التي صدرت لاحقًا قادة إلى أفغانستان والعراق، ومن بينهم أيمن الظواهري الذي تولى قيادة القاعدة بعد مقتل بن لادن.

**من القاعدة إلى داعش.. الوليد الأكثر دموية

لم يكن ظهور داعش عام 2014 إلا تتويجا طبيعيا لمسار بدأ بسيد قطب.، فداعش، التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي ثم تطورت مع أبو بكر البغدادي، لم تفعل سوى أنها أخذت "الحاكمية" القطبية إلى أقصى مداها وهي إعلان "الخلافة" وتكفير كل من لا يبايعها.

مشاهد الذبح والحرق والتفجير التي مارستها داعش كانت التطبيق العملي لما دعا إليه سيد قطب، وهو قتال المجتمع الجاهلي بلا رحمة.

**بوكو حرام.. النسخة النيجيرية من القطبية

في نيجيريا، ظهرت جماعة بوكو حرام بقيادة محمد يوسف، الذي تأثر مباشرة بالقطبية والإخوان.

رفعت الجماعة شعار "التعليم الغربي حرام"، وأعلنت قتال الدولة والمجتمع، وارتكبت بوكو حرام مذابح مروعة بحق المدنيين، وخطفت مئات الفتيات في حادثة هزت نيجريا لسنوات.

استطلاع راى

هل ترى أن مكافحة الفساد يجب أن تكون الأولوية القصوى لأعضاء البرلمان القادم؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5445 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image